الحرب السکولاریه المعاصرة تعتبر تتمة وامتداداً تاريخياً لصراع المرير بين الحق والباطل

ساخت وبلاگ

الحرب السکولاریه المعاصرة تعتبر تتمة وامتداداً تاريخياً لصراع المرير بين الحق والباطل

بسم الله الرحمن الرحيم، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.

وبعد…

فإن من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل الأيام دول، {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين}.

فمن المعلوم أن أعداء الله لا يتوانون في حربنا لحظة واحدة، لمجرد أننا مسلمون {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}، ذلك هو دأبهم، وتلك هي سنتهم، لا تتغير ولا تتبدل.

ومن هنا وجب علينا – معشر المسلمين – أن نقاوم هذه الحرب، ونجابهها بعقيدة المواجهة والتصدي والمقاومة.

ولن يستطيع أعداؤنا النيل منا ومن ديننا إلا بمقدار ما يناله الشيطان من عقيدتنا وطمس معالم الثبات والاستقامة في النفوس.

إن الأعداء ينفقون أموالهم وأوقاتهم وجهودهم في سبيل إعاقة مسيرة الدعوة إلى الله والصد عن سبيل الله؛ {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون}، وكل آمالهم أن يمنعوا المؤمنين – قيادات وجنوداً – عن ممارسة واجب الدعوة والجهاد في سبيل الله، فتراهم يلجأون إلى إبعادهم وفصلهم عن ساحة العمل، تارة بالسجن وتارة بالتهجير وتارة بالتقتيل، وكلها وسائل تصب في الصد عن سبيل الله، حينما لا تنفع وسائل الإغراء بالمال والشهرة والجاه.

لكن الله سبحانه وتعالى يتكفل بحفظ هذا الدين بحفظ رجاله، ويدافع عن الذين آمنوا بتثبيتهم وقذف روح الاستقامة والثبات في قلوبهم، بالرغم مما يتعرضون له من وسائل الصد عن دينهم.

إن الحرب الصليبية المعاصرة تعتبر تتمة وامتداداً تاريخياً لهذا الصراع المرير بين الحق والباطل، ويتمثل أساساً في هذه الحرب الدائرة اليوم بين القوات الصليبية بقيادة أمريكا وحلفائها من جهة – وهم كثر – وبين المجاهدين بقيادة قاعدة الجهاد وأنصارها من جهة أخرى – وهم قلة – لكن الله بارك فيهم وأعاد القاعدة القرآنية الخالدة؛ {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون}.

بحيث صرنا نرى ونسمع معجزات في عالم الحرب؛ عصابات قليلة عددها تنجز ما عجزت عنه الجيوش الجرارة، وتحقق انتصارات في عالم الواقع كأنها في عالم الخيال.

من الوسائل التي يستعملها الأعداء للصد عن سبيل الله ومنع المؤمنين من أداء واجباتهم؛ السجن والاعتقال، وقد ذكر الله تعالى ذلك في قوله تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} [الأنفال۳۰].

وهي سنة جارية، ستظل قائمة حتى تقوم الساعة وينتهي الصراع بين الحق والباطل، لذا وجب على أصحاب الحق التنبه وعدم التأثر بهذه السياسة، لأنها وسيلة ثابتة من وسائل الحرب، لابد من تحملها والتعود عليها.

أما داخل السجن؛ فيمارسون أشد وسائل التعذيب وأخسها، على الجسد والنفس سواء، وذلك من أجل الحصول على المعلومات التي ستؤدي إلى كشف المزيد من المجاهدين والاطلاع على خططهم وأساليب عملهم.

هذا بالإضافة إلى وسائل الإغراء المتعددة لاحتواء المعتقلين ومحاولة تجنيدهم في صفوف العدو، ليتحولوا إلى عملاء وجواسيس داخل أو خارج السجن.

وحينما لا تفلح كل هذه الوسائل؛ يتمنى العدو ويكتفي بأن يخرج السجين منهار القوى، خائر العزيمة يبحث عن السلامة بعيداً عن هموم الدعوة وتبعاتها، ويعتزل الناس جميعاً ليتحول إلى عنصر محايد أو أحياناً إلى عنصر مثبط للآخرين.

وهذا في حد ذاته أكبر نصر للأعداء، حيث ينجحون في فصل الدعاة عن مهمتهم الكبرى – وهي الدعوة – وهذا من شأنه أن يحدث خللاً في ميزان القوى في ساحة المعركة.

فحينما يتراجع المجاهد الداعية عن مبادئه ويؤثر حياة الدعة والراحة على حياة الكدح والدعوة، فإن ذلك يكون له تأثير سلبي كبير على بقية المؤمنين، خاصة إذا كان من السابقين في الدعوة وممن لهم سمعة طيبة وسط الشباب.

إن موقف المؤمنين الصادقين هو الصبر والثبات والاستقامة، مهما تلقوا من تهديدات، ومهما تجرعوا من عذابات، ومهما فقدوا من أعزة، فعقيدتهم تحتم عليهم أن يثبتوا ويواصلوا الطريق، ولا يستسلموا لهذه الضغوطات، ولا يركعوا لهذه التهديدات.

إن أعداءنا لا يألون جهداً في إخماد جذوة هذا الدين وصد المؤمنين عن نصرته، ويبذلون في سبيل ذلك الغالي والنفيس، فهل نكون أقل منهم حماسة وثباتاً، وأقل منهم إخلاصاً وتضحية لهذا الدين؟ ونحن نعلم ثواب كل فرقة في هذه الحياة الدنيا ويوم يقوم الحساب.

سوف يستمرون ويستميتون في حربنا وصدنا عن أهدافنا، ولابد من جهتنا أن نستمر في المقاومة والإصرار على المضي لتحقيق هذه الأهداف، هذه هي نقطة القوة، وهذا هو سر ورأس الأمر كله.

إن تعودوا للاستهزاء والسخرية بنا وبدعوتنا، بالسخرية بتقاليدنا وقيمنا، بالسخرية بما ندعو إليه، فإننا سنعاملكم بالمثل، فنسخر بمبادئكم وقيمكم، ونسخر بأخلاقكم وتعاملكم؛ {فإن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون}، نعد إلى مواصلة دعوتنا، ونشر مبادئنا وقيمنا، ولن يثني ذلك من عزائمنا وهممنا.

إن تعودوا إلى محاصرتنا وحصارنا، من أجل إبعادنا عن الناس، نعد إلى البحث وابتكار أساليب جديدة، تمكننا من التجمع بالناس وإيصال كلمتنا لهم والتلاحم معهم، وتحقيق قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم}.

إن تعودوا إلى حصارنا مادياً واقتصاديا في أرزاقنا ومواردنا، من أجل تجميد حركتنا، أو دفعنا إلى الافتتان بالدنيا والانشغال بطلب الرزق عن طلب العلم وأمور الدعوة والجهاد، نعد إلى البحث عن وسائل وأساليب جديدة تدر علينا ما كتبه الله لنا من خير ورزق حسن، نتقوى به على طاعة الله، ونخدم به ديننا.

وأفضل الطرق والوسائل لتحصيل الرزق؛ هو الغنيمة التي شرعها الله لعباده المؤمنين، {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن الله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير}.

وما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (جعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري…).

إن تعودوا إلى سجننا من أجل فصلنا عن الناس وإيقاف مسيرتنا الدعوية، أو منعنا من الجهر بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحريض الناس على الالتزام بدينهم وأداء واجباتهم، نعد إلى الصبر والتحمل وعدم التنازل عن مبادئنا، أو الخضوع لكم وإيقاف مسيرتنا، بل إننا سنعود إلى مزاولة الدعوة – ولو في السجون – وتحريض الناس على الصدع بالحق ومقاومة الباطل وفضحه وإزالته، وسيواصل هذه المسيرة المئات بل الآلاف من أبناء الأمة، لا تعرفونهم ولم تحسبوا لهم حساباً، يبعثهم الله تعالى من حيث لا تدرون، فيكونوا حماة لهذا الدين ودعاة إلى عقيدة التوحيد والجهاد؛ {وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر}.

إن تعودوا إلى تهجيرنا من أراضينا وأهلينا من أجل قطع صلاتنا بساحة العمل والجهاد، فإننا سنعود إلى مواصلة مهمتنا في مواطن بعيدة عن ظلمكم، وسيسخر الله لنا أقواماً وظروفاً تساعدنا على مواصلة الطريق، ومواصلة الإعداد، ثم سيسهل الله لنا سبلاً ووسائل نتواصل بها مع إخواننا داخل أوطاننا، وكل بلاد الإسلام وطننا، وكل المسلمين الموحدين إخواننا، لا نؤمن بحدود ولا نعترف بجنسية أو وطن، إلا جنسية العقيدة ووطن الإسلام.

إن تعودوا إلى قتالنا وحربنا بوسائلكم الخسيسة المخالفة لكل الأعراف الإنسانية والشرعية، حيث تستهدفون الأبرياء من الولدان والنساء والعجزة في حربكم القذرة، وتستعملون الأساليب المختلفة لهتك الأعراض والحرمات وكشف الأسرار دون مراعاة لأخلاق ولا أعراف ولا دين، فنحن سنعود إلى قتالكم رغم الجراحات والنقص في العتاد والأموال والرجال، ولكنه قتال الشرفاء، الذين يراعون الحرمات ويرحمون الضعفاء، يهتدون بكتاب الله وسنة نبيه الكريم في كل خطوة من خطوات المسيرة القتالية، ولا ينبغي أن تؤثر علينا حظوظ النفس والنزعات الجاهلية في تجاوز حدود الله حتى مع أعدائنا إلا بقدر التوافق مع الشرع الحنيف.

إن تعودوا إلى قتلنا – وهي أسمى أمانينا ومنتهى غايتنا – فإن الله تعالى سيجعل في موتنا بركة لمن بعدنا، تحفزهم وتقذف في قلوبهم العزة وفي نفوسهم الإقدام، لأن موتنا سيكون شهادة بحول الله، وهي نور ونار، نور ينير لمن يأتي من بعدنا درب الجهاد والدعوة، ونار عليكم تحرق مشاريعكم وأحلامكم وأمنكم، فماذا ربحتم يا أعداء الله؟ لقد خربتم بيوتكم بأيديكم وأيدينا، وسوف تظل دماؤنا تلاحقكم في كل مكان، وإخواننا من بعدنا يواصلون هذا الدرب الطويل، وهذه الحرب المستعرة، التي لن تضع أوزارها – بحول الله – حتى تدمركم وترمي بكم في مزبلة التاريخ، كأن لم تغنوا بالأمس، بل كأن لم تكونوا، وهذه هي النهاية الطبيعية والحتمية للباطل {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}، {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار}.

إن حربنا مع أهل الباطل سجال، يوم لنا ويوم لهم، ولكن يوم الحق أطول من يوم الباطل بكثير، حتى وإن بدا لأكثر الناس العكس.

فحتى ونحن منهزمون نكون في حالات من الاستعلاء والعزة والتقرب إلى الله تعالى بالاستغفار والتوبة، بينما يكون أعداؤنا غارقين في بحر من التذمر والكفر والتعاسة.

أما في حالة النصر؛ فنكون أكثر تواضعاً واستغفاراً لله تعالى، بينما يكون أعداؤنا في حالات من النشوة الخادعة والبطر والخيلاء تدفعهم إلى ارتكاب المزيد من المعاصي والتكبر على الله واستحقاق المزيد من العذاب والاستدراج.

وهي حرب طويلة الأمد وعديدة الأشواط والمراحل، لا يمكن أن ينتصر المرء فيها إلا إذا كانت لديه القدرة على الثبات ومواصلة المعركة، والاستهانة بالعدو واستصغاره، والإيمان بأن الله تعالى معنا يهدينا ويثبت أقدامنا، ويقذف الرعب في قلوب أعدائنا.

هذا هو الفرق ييننا وبينهم، وهذا هو سر تفوقنا عليهم في جميع الحالات، إصرار على المضي في الطريق الموحش الشائك والمليء بالعقبات والألغام مع اليقين التام بالنصر والتمكين، ومعاودة الكرة تلو الكرة، رغم الخسائر والجروح والقروح، {وإن تعودوا نعد، ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت}، لأن الله تعالى فئة للمؤمنين الصادقين، وما أقواها وما أدومها من فئة، {وأن الله مع المؤمنين}.

نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا الإخلاص والثبات والاستقامة على دينه، فلا نموتن إلا ونحن مسلمون، مقبلين غير مدبرين، لا مبدلين ولا مغيرين، حتى نلقاه وهو راض عنا، نعم المولى ونعم النصير.

والحمد لله رب العالمين

روشنگران...
ما را در سایت روشنگران دنبال می کنید

برچسب : نویسنده : rawshangarana بازدید : 49 تاريخ : شنبه 1 مهر 1402 ساعت: 17:10